للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كثر المسلمون واشتد أذى قريش لهم، وفتنتهم إياهم، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة فى دينهم، وضاقت عليهم مكة.- وكان رسول الله لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان فى منعة من قومه ومن عمه لا يصل إليه شئ مما يكره مما ينال أصحابه-أذن النبى لأصحابه فى الهجرة إلى أرض الحبشة، وقال لهم: إن بها ملكا لا يظلم الناس عنده-أو لا يظلم أحد عنده-فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه. فهاجر فى شهر رجب منهم اثنا عشر رجلا وأربع نسوة-وقيل أحد عشر رجلا وامرأتان، وقيل عشر رجال وأربع نسوة-سرّا، وستر الباقون إسلامهم (١).

فالذين هاجروا عثمان بن عفان-وهو أول من خرج- وزوجته رقية ابنة النبى ، وعثمان بن مظعون، والزّبير بن العوّام، ومصعب بن عمير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأمرأته أم سلمة بنت أبى أميّة، وعامر بن ربيعة، وامرأته ليلى بنت أبى خيثمة، وأبو سبرة بن أبى رهم، وحاطب بن عمر بن عبد شمس، وسهيل بن البيضاء، وعبد الله بن مسعود، وأبو حذيفة بن عتبة، وزوجته سهلة بنت سهيل بن عمرو. وخرجوا سرّا متسلّلين-منهم الراكب ومنهم الماشى-حتى انتهوا إلى الشّعيبة (٢)، فقيّض الله لهم حينئذ سفينتين للتجار إلى أرض الحبشة، حملوهم فيهما بنصف دينار.


(١) سيرة النبى لابن هشام ١:٢١٣، وسبل الهدى والرشاد ٢:٤٨٥، وشرح المواهب ١:٢٧٠،٢٧١.
(٢) فى الأصول «السفينة» والتصويب عن طبقات ابن سعد ١:٢٠٤. والشعيبة كانت ثغر مكة قبل أن تصير جدة ثغرا لمكه. (معجم البلدان لياقوت)