للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرجت قريش فى أثرهم حتى بلغوا حيث ركبوا، فلم يدركوا منهم أحد.

ولما أن أخرج عثمان بن عفان وزوجته رقيّة أبطأ على رسول الله خبرهما، فقدمت امرأة من قريش فقالت: يا محمد رأيت ختنك وامرأته. قال: على أى حال رأيتيهما؟ قالت: رأيته قد حمل امرأته على حمار من هذه الدّبّابة (١) وهو يسوقها. فقال رسول الله : صحبهم الله، إن عثمان لأوّل من هاجر بأهله بعد لوط.

وهى أوّل هجرة كانت فى الإسلام، فأقاموا عنده بخير دار فى أحسن جوار، أمنوا فيه على دينهم وأنفسهم، وعبدوا الله لا يؤذون، ولا يسمعون شيئا يكرهونه. فأقاموا شعبان ورمضان، وقدموا فى شوال إلى مكة (٢) ودخلوا فى جوار طائفة من قومهم إلا ابن مسعود فإنه عاد مهاجرا إلى الحبشة (٣).

وسبب رجوعهم ما كان قد بلغهم من أمر سورة ﴿وَالنَّجْمِ إِذا هَوى﴾ وذلك أن رسول الله قارب قومه، وكفّوا عنه، ودنا منهم ودنوا منه. فقعد يوما فى ناد من أنديتهم حوال الكعبة فقرأ عليهم ﴿وَالنَّجْمِ﴾ فلما بلغ ﴿أَ فَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى وَ مَناةَ﴾


(١) كذا فى م، والسيرة النبوية لابن كثير ٢:٥. وفيها علق المحقق بقوله: الضعيفة التى تدب فى المشى. وفى ت، هـ «هذه الديار».
(٢) سبل الهدى والرشاد ٢:٤٨٦، وشرح المواهب ١:٢٧٠،٢٧١، وتاريخ الخميس ١:٢٨٩.
(٣) سبل الهدى والرشاد ٢:٤٨٨،٤٨٩.