للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينشدهم-فأخذ الوليد بيد عثمان فأتى به قريشا فقال: إن هذا قد غلبنى وحملنى على أن أتبرأ من جواره، وإنى أشهدكم أنى برئ منه إلاّ أن يشاء. فقال عثمان: صدق وأنا والله أكرهته على ذلك، وهو منى برئ. ثم جلس مع القوم ولبيد ينشدهم، فقال لبيد:-

*ألا كلّ شئ ما خلا الله باطل*

فقال عثمان صدقت. ثم أتم لبيد فقال:

*وكلّ نعيم لا محالة زائل*

فقال عثمان كذبت. فأسكت (١) القوم ولم يدروا ما أراد بكلمته. ثم أعادوها الثانية وأمروه بذلك، فقال عثمان حين أعادها مثل كلمتيه الأوليين؛ صدّقة مرّة وكذّبه مرّة. إذا ذكر: «ألا كل شئ ما خلا الله باطل» صدقه، وإذا ذكر: «وكل نعيم لا محالة زائل» كذبه؛ لأنّ نعيم الجنة لا يزول. فنزى عند ذلك رجل من قريش فلطم عين عثمان بن مظعون فاخضرّت. فقال الوليد بن المغيرة وأصحابه: قد كنت فى ذمة مانعة ممنوعة فخرجت منها، وكنت عن الذى لقيت غنيّا!! فقال عثمان: بل كنت إلى الذى لقيت منكم فقيرا، وعينى التى لم تلطم إلى مثل ما لقيت صاحبتها فقيرة، ولى فيمن هو أحبّ إلىّ منكم أسوة. فقال الوليد بن المغيرة: إن شئت أجرتك الثانية.

فقال عثمان بن مظعون: لا أرب لى فى جوارك (٢).


(١) كذا فى م، هـ، ودلائل النبوة ٢:٦٢. وفى ت «فأنكر».
(٢) دلائل النبوة ٢:٦١،٦٢، والاكتفا ١:٣٥٥،٣٥٦، وسبل الهدى والرشاد ٢:٤٨٩،٤٩٠، وشرح المواهب ١:٢٨٠.