للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لقى المسلمون من قريش تعنيفا شديدا بالأذى، فكانت أعظم مشقة من الأولى، وكان قد اشتدّ على قريش ما بلغهم من حسن جوار النّجاشى لهم.

وكان ممن دخل بجوار عثمان بن مظعون؛ أجاره الوليد بن المغيرة، فلما رأى عثمان بن مظعون الذى يلقى رسول الله وأصحابه من البلاء، وعذب طائفة منهم بالنار والسياط، وعثمان معافى لا يعرض (١) له، استحبّ البلاء على العافية فقال: أما من كان فى عهد الله وذمته وذمة رسوله الذى (٢) اختار الله ﷿ لأوليائه من أهل الإسلام فهو مبتلى، ومن دخل فيه فهو خائف. وأما من كان فى عهد الشيطان وأوليائه من الناس فهو معافى!! فعمد إلى الوليد بن المغيرة فقال: يا عم قد أجرتنى وأحسنت إلى، فأنا أحب أن تخرجنى إلى عشيرتك فتبرأ منى بين ظهرانيهم. فقال له الوليد: يا ابن أخى لعل أحدا من قومك آذاك أو شتمك وأنت فى ذمتى فأكفيك ذلك./قال: لا والله ما اعترض لى أحد ولا ذآنى. فلما أبى إلا أن يتبرأ منه الوليد أخرجه إلى المسجد-وقريش فيه كأحفل ما كانوا، ولبيد بن ربيعة الشاعر


(٣) -المشركين ذلك، فتوهموا أنه صدر عن رسول الله ، وليس كذلك فى نفس الأمر بل إنما كان من صنيع الشيطان، لا من رسول الرحمن .
وانظر تفصيل الخلاف حول هذا الخبر، ومن رواه، واجتهاد العلماء حوله: فى شرح المواهب ١:٢٨٠ - ٢٨٦.
(١) كذا فى ت، م، ودلائل النبوة ٢:٦١. وفى هـ «يتعرض».
(٢) كذا فى ت. وفى م، هـ، ودلائل النبوة ٢:٦١ «التى».