للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدّقا، وقد بايعتك، وبايعت ابن عمك. وأسلمت على يديه لله ربّ العالمين، وقد بعثت إليك يا نبى الله أريحا بن الأصحم بن أبجر، فإنى لا أملك إلاّ نفسى، وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله؛ فإنى أشهد أن ما تقول حقّ.

ولما خرج المسلمون إلى الحبشة،/ومنع الله نبيّه بعمّه أبى طالب رأت قريش أن لا سبيل لهم عليه، فرماه الوليد بن المغيرة بالسّحر والكهانة والجنون، وتبعه قومه على ذلك، فنزل فيه ﴿ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً﴾ الآيات (١)، وفى النفر الذين تابعوه ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ (٢).

ثم بالغوا فى أذى النبى ؛ فمما فعلوه وقد اجتمعت أشرافهم يوما فى الحجر فذكروا رسول الله فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط؛ قد سفّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرّق جماعتنا، وسبّ آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم-أو كما قالوا-فبينما هم كذلك إذا طلع رسول الله ، فأقبل يمشى حتى استلم الرّكن، ثم مرّ بهم طائفا بالبيت، فلما مرّ بهم غمزوه ببعض القول، فعرف ذلك فى وجهه ، ثم مضى، ثم مرّ بهم الثانية، فغمزوه بمثلها، فعرف فى وجهه، ثم مضى، ثم مرّ بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فوقف ثم قال: ألا تسمعون يا معشر


(١) سورة المدثر الآيات ١١ - ٣٠.
(٢) سورة الحجر آية ٩١.