للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريش!! أما والذى نفس محمد بيده-ويقال: أما والذى نفسى بيده-لقد جئتكم بالذّبح. فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع، حتى إن أشدّهم فيه وطأة (١) قبل ذلك ليرفؤه (٢) بأحسن ما يجد من القول، حتى إنه ليقول:

انصرف أبا القاسم راشدا، فو الله ما كنت جهولا.

فانصرف رسول الله حتى إذا كان من الغد اجتمعوا فى الحجر فقال بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه. فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأحاطوا به يقولون له:

أنت الذى تقول كذا وكذا؟! لما يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم- فيقول رسول الله : نعم أنا الذى أقول ذلك. فأخذ رجل منهم بمجمع ردائه، وقام أبو بكر يقيه ويبكى، ويقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربّى الله؟! ثم انصرفوا عنه.

وطاف النبىّ يوما ضحى، فلقيته قريش حين فرغ فأخذوا بمجامع ردائه فقالوا: أنت الذى تنهانا عمّا كان يعبد أباؤنا؟! فقال: أنا ذاك. فقام أبو بكر فالتزمه من ورائه، ثم قال ﴿أَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَ إِنْ﴾


(١) كذا فى ت، وتاريخ الإسلام ٢:٩٧. وفى م، هـ وسيرة النبى لابن هشام ١:١٨٧، ودلائل النبوة ٢:٥١ «وصاة» وفى الخصائص الكبرى ١:٣٦٠ «وضأة».
(٢) ليرفؤه: أى يسكنه ويرفق به ويدعو له. (هامش تاريخ الإسلام ٢:٩٧)