راكبا من البيت إلى باب الصفا، ثم إلى المسعى، ثم إلى باب السلام ودخل منه وزيد في الشموع والوقيد أضعافا مضاعفة ومشى فيها جميع الناس إلا النادر، وكان من جملة الماشين والده ولكن من باب الصفا، وأنشد المنشدون خلف الختم، ومنهم الشيخ نابت الزمزمي أنشد بنفسه قصيدتين، وخلع عليه وعلى جماعة المكبرين وشيخ القراء والفراشين، وجملة ذلك أربع عشرة خلعة وغالبها [عطية](١) ممن خلعه عليه، وأعطى المكبرون والمنشدون والقراء والفراشون والوقادون والسقاء الذى بدوارق زمزم تضعها أمام الناس، وواضع الخشب ما انشرحوا به، بل وفرّق على الختم جملة من الحلاوات من أصناف عدة على القضاة والفقهاء والتجار والأمراء والأجناد والغرباء وكثير من العوام وممن لا يؤبه له بحيث كان ذلك مما يضرب به المثل.
وفيها - في ليلة الثلاثاء عاشر رمضان - وصل سنقر الجمالي إلى مكة من مصر بحرا لأجل عمارة السلطان. فلما كان يوم الخميس ثاني عشر رمضان اجتمع الشريف والقاضيان: الشافعي والحنفي وباش الترك قاني باى وسنقر الجمالي بالحطيم تحت زمزم وقرئ ثلاثة مراسيم أحدها للشريف، والثاني للقاضي الشافعي. والثالث لباش الترك قاني باى، وتاريخها واحد وهو مستهل جمادى الثاني، ومضمونها واحد وهو الوصية على سنقر فيما طلع له وهو عمارة بيت الشريفة شمسية
(١) إتحاف فضلاء الزمن. إضافة على الأصول عن إتحاف فضلاء الزمن وعبارته «خلعة عطية لهم ممن خلعه عليه».