للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلفه ويتّقى بيده، فقيل له: ما لك؟ قال: رأيت بينى وبينه خندقا من نار وهولا، ورأيت ملائكة ذوى أجنحة. فقال رسول الله : أما لو دنا منى لاختطفته الملائكة عضوا عضوا. وأنزل الله تعالى ﴿كَلاّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى* أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى﴾ إلى قوله ﴿إِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلّى﴾ يعنى أبا جهل ﴿فَلْيَدْعُ نادِيَهُ﴾ قومه ﴿سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ﴾ الملائكة (١).

ومرّ أبو جهل بالنبى وهو يصلى فقال: ألم أنهك عن أن تصلى يا محمد؟! لقد علمت ما بها أحد أكثر ناديا منى. فانتهره النبى ، فقال جبريل ﴿فَلْيَدْعُ نادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ﴾ والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب (٢).

قال عثمان بن عفان: كان رسول الله يطوف بالبيت- ويده فى يد أبى بكر-وفى الحجر ثلاثة [نفر] (٣) جلوس: عقبة ابن أبى معيط، وأبو جهل، وأميّة بن خلف، فمرّ رسول الله فلما حاذاهم أسمعوه بعض ما يكره؛ فعرف ذلك فى وجه رسول الله ، فدنوت منه حتى وسطته، فكان بينى وبين أبى بكر، وأدخل أصابعه فى أصابعى حتى طفنا جميعا. فلما حاذاهم قالوا:

والله لا نصالحك ما بلّ بحر صوفة-وأنت تنهانا أن نعبد ما كان


(١) تاريخ الإسلام ٢:٨٧، وتفسير ابن كثير ٨:٤٦١، والسيرة النبوية لابن كثير ١:٤٦٧، والخصائص الكبرى ١:٣١٥.
(٢) تاريخ الإسلام ٢:٨٨،٨٩، والسيرة الحلبية ١:٤٦٥.
(٣) الإضافة عن الوفا بأحوال المصطفى ١:١٨٨.