للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعبد آباؤنا. فقال لهم رسول الله : أنا على ذلك. ثم مضى عنهم، فصنعوا به فى الشوط الثالث مثل ذلك، حتى إذا كان فى الشوط الرابع ناهضوه، ووثب أبو جهل يريد أن يأخذ بمجمع ثوبه، فدفعته فى صدره فوقع على استه، ودفع أبو بكر أميّة بن خلف، ودفع رسول الله عقبة بن أبى معيط، ثم انفرجوا عن رسول الله وهو واقف، ثم قال لهم: أما والله لا تنتهون حتى يحلّكم الله عذابه عاجلا. فو الله ما منهم رجل إلا وقد أخذه أفكل (١)، وهو يرتعد، فجعل رسول الله يقول: بئس القوم أنتم لنبيّكم. ثم انصرف إلى بيته وتبعناه، فقال: أبشروا فإن الله مظهر دينه، ومتم كلمته، وناصر نبيه؛ إن هؤلاء الذين ترون ممن يذبح الله بأيديكم عاجلا. ثم انصرفنا إلى بيوتنا، فو الله لقد رأيتهم ذبحهم الله بأيدينا (٢).

وأتمرت قريش يوما وهم جلوس فى ظلّ الكعبة، ورسول الله يصلى عند المقام/، فقام إليه عقبة بن أبى معيط فجعل رداءه فى عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطا، وتصايح الناس، فظنوا أنه مقتول، فأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبعى رسول الله من ورائه وهو يقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله. ثم انصرفوا عن رسول الله ، فقام فصلّى؛ فلما قضى صلاته مرّ بهم وهم


(١) كذا فى الأصول، والخصائص الكبرى ١:٣٦١. وفى الوفا بأحوال المصطفى ١:١٨٩ «الخوف» -والأفكل: الرعدة من برد أو خوف. (المعجم الوسيط)
(٢) وانظر المراجع السابقة، وعيون الاثر ١:١٠٤، والسيرة الحلبية ١:٤٧١، ٤٧٢.