عظيمة ويوما مشهودا لم يتخلف أحد من الرجال ولا من النساء من الفرجة في ذلك اليوم، واستمر الراكبون أمامه إلى أن وصلوا إلى مدرسته التي أنشأها فترجلوا ووقفوا إلى أن وصل ونزل وطلع إلى المدرسة، فتوجه كل أحد إلى بيته، ومد له السيد الشريف سماطا صباحا وسماطا مساء.
وفي ثاني يوم فعل القاضي الشافعي كذلك، مد له سماطا صباحا وسماطا مساء واستمر السلطان بمدرسته لم يره أحد بمكة في النهار إلا مرتين مرة ذهب لعرفة، ومرة لدرب اليمن لرؤية ما قدمه له الشريف من الخيل والإبل وأما الليل فإنه كان يطوف فيه، وأمر بصدقة كبيرة ففرقت على أعيان الناس وقليل من أهل الحرم والفقراء والغرباء، ولم يحصل لجماعة كثيرة من أهل الحرم الدرهم الفرد، لاستيلاء الخواجا ابن الزمن وجماعة السلطان عليها وفرقوها كما أحبوا، وحج السلطان وكان الحج هنيّا، وحج معه الأعيان: إمامه شيخ الشيوخ برهان الدين الكركي، والأمير المحتسب يشبك الجمالي، وجاني بك شلاق، وولد سيدى يحيى بن الجيعان نائب كاتب السر ومباشر السلطان وخصيصه أبو البقاء، ورمضان المهتار، وكانت الوقفة يوم الاثنين ولم ينحر السلطان شيئا من البدن، وسافر الحاج وتخلف السلطان بعد الحاج يومين (١) وقرر في مدرسته القضاة
(١) أنظر خبر حج السلطان ومن حج معه في بدائع الزهور ١٦٠:٣، ودرر الفرائد المنظمة ٣٣٩، ٣٤٠.