رأيت معه رجالا معهم حراب تلمع-أو قال تتلألأ-لو لم أعطه لخفت أن ينفح (١) بها بطنى.
وكان النبى ﷺ قائما يصلى عند البيت فى ظلّه-ورهط من قريش فيهم أبو جهل بن هشام، وعقبة بن أبى معيط جلوس فى مجالسهم فى الحجر-فقال أبو جهل بن هشام: ألا تنظرون إلى هذا المرائى، أيّكم يقوم إلى جزور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجئ به فيلقيه على ظهر محمد إذا سجد؟ وكانت جزورا قد نحرت بالأمس بأسفل مكة، فانبعث أشقى القوم عقبة بن أبى معيط-وكان أسفه قريش-فجاء به فنظر حتى إذا سجد النبىّ ﷺ وضعه على ظهره بين كتفيه، وثبت النبىّ ﷺ ساجدا لا يرفع رأسه، فجعلوا يضحكون حتى مال بعضهم على بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى بنته فاطمة-وهى جويرية-فأقبلت تسعى حتى ألقته عنه، ثم أقبلت عليهم تسبّهم، فلم يرجعوا إليها شيئا، فلما قضى النبىّ ﷺ صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم-وكان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا سأل سأل ثلاثا-فقال: اللهم عليك بالملأ من قريش-ويقال: اللهم عليك بقريش-ثلاث مرات. فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وشقّ عليهم أن دعا عليهم، وخافوا دعوته، وكانوا يرون أن الدّعوة فى البلد مستجابة. ثم قال: اللهم عليك بأبى جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأميّة بن خلف، وعقبة بن أبى معيط/، وعمارة
(١) كذا فى الأصول. وفى الخصائص الكبرى ١:٣١٧ «أن يبعج بها بطنى».