للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضرب علىّ بابى وسمعت صوته فملئت منه رعبا، ثم خرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته وقصرته (١) وأنيابه قط، فاتحا فاه، والله لو أبيت لأكلنى، فأعطيت الرجل حقه.

فقال القوم: ما هو إلاّ بعض سحره (٢).

ويقال: إن الإراشى خرج على أباعر له يحمل طعاما من الشام إلى مكة، فباع طعامه من أبى جهل، فمطله بحقه، فلما طال ذلك عليه أتى جماعة من قريش فشكاه إليهم، فقالوا-وهم يهزؤون به:-عليك بذلك الجالس-يعنون النبىّ -فأتاه فشكاه إليه، وسأله أن يكلمه، فنهض معه حتى جاءه فدعاه فخرج، فقال له: أعط هذا حقه. قال: نعم الساعة. فأعطاه حقه، فلامته قريش فقالوا: كلمناك فأبيت وشفّعت محمدا!! فقال: رأيت معه (٣) بعيرا فاغرا فاه (٣)، والله لو لم أعطه لأكلنى.

ويقال إنّ رجلا كان له على أبى جهل دين فلم يعطه، فقيل له: ألا ندلّك على من يستخرج لك حقّك؟ قال: بلى. قالوا:

عليك بمحمد بن عبد الله. فأتاه، فجاء معه إلى أبى جهل فقال: أعطه حقه. قال نعم. فدخل البيت فأخرج دراهمه فأعطاه إيّاها. فقالوا لأبى جهل: فرقت من محمد كل هذا؟ قال: والذى نفسى بيده لقد


(١) القصرة: أصل العنق. (سبل الهدى والرشاد ٢:٥٥٢)
(٢) وانظر المراجع السابقة، والاكتفا ١:٣٧٠، والسيرة النبوية لابن كثير.
(٣) فى الأصول «بقرا عرافا» ولعل الصواب ما أثبتناه.