للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكم بن هشام قد غلبنى على حق لى قبله، وأنا غريب ابن سبيل، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يعيننى عليه يأخذ لى حقى منه، فأشاروا إليك؛ فخذ لى حقى منه رحمك الله. قال: أنطلق إليه.

وقام رسول الله معه، فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن كان معهم: اتبعه، وانظر ماذا يصنع. وخرج رسول الله حتى جاء أبا جهل فضرب عليه بابه، فقال: من هذا؟ قال: محمد بن عبد الله، فاخرج إلىّ. ففتح الباب وخرج وما فى وجهه [من] (١) رائحة (٢) وقد انتقع لونه، فقال له: أعط هذا الرجل حقه. قال:

نعم. فقال: لست أبرح أو تعطيه حقه. قال: نعم لا تبرح حتى أعطيه حقه الذى له. فدخل البيت فخرج إليه بحقه فدفعه إليه. ثم انصرف رسول الله ، وقال للإراشى: الحق بشأنك. فأقبل الإراشى حتى وقف على ذلك المجلس فقال: جزاه الله خيرا؛ فقد- والله-أخذ لى حقى بأيسر الأمور، ثم انصرف وجاء الذى بعثوه معه، فقالوا: ويحك ماذا رأيت؟ قال: رأيت عجبا من العجب؛ ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج إليه وما معه روحه، فقال: أعط هذا حقه قال: نعم لا تبرح حتى أخرج إليه حقه. فدخل فخرج إليه بحقه فأعطاه إياه. ثم لم يلبثوا أن جاء أبو جهل بن هشام فقالوا له: ويلك مالك، والله ما رأينا مثل ما صنعت، فو الله ما بعثنا الرجل إلى محمد إلاّ هازئين. فقال: ويحكم دعونى فو الله ما هو إلا أن


(١) إضافة عن سيرة النبى لابن هشام ١:٢٦١، وسبل الهدى والرشاد ٢:٥٥١.
(٢) أى بقية روح، فكأن معناه: روح باقية. (الروض الأنف ٢:١٣٩)