للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما ظننا أنه بقى جبل بتهامة إلا تفتّت، فغشى علينا فما عقلنا حتى قضى صلاته ورجع إلى أهله، ثم تواعدنا له ليلة أخرى، فلما جاء نهضنا إليه، فجاءت الصفا والمروة حتى التقت (١) إحداهما بالأخرى فحالتا بيننا وبينه، فو الله ما نفعنا ذلك حتى رزق الله الإسلام وأذن لنا فيه.

وقدم رجل من إراش يقال له كهل الأصغر بن عصام بن كهل الأكبر (٢) بإبل له مكّة، فابتاعها منه أبو جهل بن هشام، فمطله بأثمانها، وأقبل الإراشىّ حتى وقف على نادى قريش-ورسول الله جالس فى ناحية المسجد-فقال: يا معشر قريش من رجل يعدينى (٣) على أبى الحكم بن هشام؟ فإنى رجل غريب وابن سبيل، وقد غلبنى علىّ حقّى؛ فإنه ابتاع منى ظهرا فمطلنى بثمنه وحبسنى به حتى شقّ علىّ، فمن رجل يقوم معى فيأخذ لى حقى منه؟ فقال أهل المجلس: ترى ذلك الجالس؟ انطلق إليه يأخذ لك حقك-وهم يستهزئون به لما يعلمون ما بينه وبين أبى جهل من العداوة-فأقبل الإراشى حتى وقف على رسول الله فقال: يا عبد الله. إن أبا


(١) كذا فى ت، والخصائص الكبرى ١:٣٢٢. وفى م، هـ «التقتا» وفى السيرة الحلبية ١:٤٦٥ «التصقتا».
(٢) وفى الروض الأنف ٢:١٣٨ «قال ابن إسحاق: هو من إراش وهو ابن الغوث، أو ابن عمرو بن الغوث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا، وهو والد أنمار الذى ولد بجيله وخثعم، وإراشة الذى ذكر ابن هشام بطن من خثعم.» وفى سبل الهدى والرشاد ٥:٥٥٢ «اسمه كهلة الأصغر بن عصام بن كهلة الأكبر، ينسب إلى جد له اسمه إراشة.» وفى معجم البلدان لياقوت: إراش: موضع.
(٣) يعدينى: أى يزيل العدوان والعداء وهو الظلم. (الروض الأنف ٢:١٣٩)