للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان عيسى يفعل ذلك. فقال: لم يقدرنى الله على ذلك. قال:

فسخّر لنا الريح تحملنا إلى الشام فى يوم وتردّنا فى يوم؛ فإن طول السفر يجهدنا، فلست بأهون على الله من سليمان بن داود؛ قد كان يأمر الريح فتغدو به مسيرة شهر، وتروح به مسيرة شهر.

فقال: لا أستطيع ذلك. فقال أبو جهل: فإن كنت غير فاعل شيئا مما سألناك فلا تذكر آلهتنا بسوء. فقال عبد الله بن أبى أميّة بن المغيرة ابن عبد الله بن عمرو بن مخزوم: فأرنا كرامتك على ربّك؛ فليكن لك بيت من زخرف، وجنّة من نخيل وعنب، تجرى فيها الأنهار، وفجّر لنا ينبوعا مكان زمزم فقد شقّ علينا المتح عليها، وإلا فأسقط السماء علينا كسفا. فقال: ليس هذا بيدى، هو بيد الذى خلقنى. قال: فارق إلى السماء فأتنا بكتاب نقرؤه ونحن ننظر إليك. فنزلت فيه الآيات من سورة الإسراء (١).

ولما نزلت ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعامُ الْأَثِيمِ* كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾ (٢) قال أبو جهل: أنا أدعوكم يا معشر قريش بالزّقّوم. فدعا بزبد وتمر فقال: تزقّموا من هذا؛ فإنا لا نعلم زقّوما غيره. فبيّن الله أمرها فقال ﴿إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ* طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ﴾ (٣) فقالت قريش: شجرة تنبت فى النار؟! فكانت فتنة لهم. وجعل المستهزئون يضحكون.


(١) وهى الآيات ٩٠ - ٩٣.
(٢) سورة الدخان الآيات ٤٣ - ٤٦.
(٣) سورة الصافات الآيتان ٦٤،٦٥.