للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: لما نزلت ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ* لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ﴾ (١) قال أبو جهل: ائتونا بزبد وتمر، وقال: تزقّموا فإن هذا هو الزّقّوم. فنزلت ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعامُ الْأَثِيمِ﴾ (٢) يعنى أبا جهل. ونزلت ﴿إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ (٣)

قيل: لما نزلت آية الزّقّوم لم تعرفه قريش. قال أبو جهل: هذا الشّجر لا ينبت بأرضنا فمن منكم يعرفه؟ فقال رجل قدم من إفريقية: الزّقّوم-بلغة إفريقية: الزّبد والتّمر. فقال أبو جهل: يا جارية، هاتى تمرا وزبدا نزدقمه. فجعلوا يأكلون ويزقمون ويقولون:

أبهذا يخوّفنا محمد فى الآخرة؟! فبيّن الله فى آية أخرى الزّقّوم بقوله ﴿إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ (٣)

وقدم رجل من هذيل-يقال له عمرو-بغنم له فباعها، ورآه النبىّ فأخبره بالحق ودعاه إليه، فقام إليه أبو جهل-وكان خفيفا حديد الوجه والنظر به حول-فقال: انظر ما دعاك إليه هذا الرجل، فإيّاك أن تركن إلى قوله فيه، أو تسمع منه شيئا؛ فإنه قد سفّه أحلامنا، وزعم أن من مات منا كافرا يدخل النار بعد الموت، وما أعجب ما يأتى به. قال: فما تخرجونه من أرضكم؟ قال: لئن خرج من بين أظهرنا فيسمع كلامه وحلاوة لسانه أحداث ليتبعنّه، ثم لا نأمن أن يكرّ علينا بهم. قال: فأين أسرته عنه؟ قال: إنما امتنع بأسرته.


(١) سورة الواقعة الآيتان ٥١،٥٢.
(٢) سورة الدخان، الآيتان ٤٣،٤٤.
(٣) سورة الصافات آية ٦٤.