قرّبوا عبد الله وعشرا من الإبل، فخرجت على عبد الله، فلم يزالوا على هذا إلى أن جعلوها مائة، فخرج القدح على الإبل؛ فقالت قريش ومن حضر: قد انتهى رضاء ربّك، وخلص لك ابنك/.
فقال عبد المطلب: لا والله حتى أضرب عليه وعليها ثلاث مرّات.
فضربوا فخرج القدح على الإبل فى المرّات الثلاث، فنحرت ثم تركت لا يصّدّ عنها إنسان ولا سبع، ثم انصرف عبد المطلب آخذا بيد ابنه عبد الله، فمرّ به على امرأة من بنى أسد يقال لها أم قتّال بنت نوفل ابن أسد بن عبد العزّى (١)، وهى أخت ورقة بن نوفل-وهى عند الكعبة-فقالت له حين نظرت إلى وجهه: أين تذهب يا عبد الله؟ فقال: مع أبى. قالت: لك عندى مثل الإبل التى نحرت عنك وقع علىّ الآن. فقال لها: إنى مع أبى الآن لا أستطيع خلافه ولا فراقه، ولا أريد أن أعصيه شيئا. فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة-وهو يومئذ سيّد بنى زهرة نسبا وشرفا-فزوّجه ابنته آمنة، وهى يومئذ أفضل امرأة فى قريش نسبا وموضعا، فدخل عليها حين أملكها مكانه فوقع عليها، فحملت بنبيّنا محمد ﷺ، ثم خرج من عندها حتى أتى المرأة التى كانت عرضت عليه نفسها-وهى فى مجلسها-فجلس إليها فقال لها:
ما لك لا تعرضين علىّ اليوم ما كنت عرضته علىّ بالأمس-أو مثل ما عرضت على بالأمس-؟ فقالت له: فارقك النور الذى كان
(١) وانظر الخلاف حول اسم هذه المرأة ونسبها فى طبقات ابن سعد ١:٨١ وتاريخ الخميس ١:١٨٤.