للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلاما ما سمعت أذناى-قط-كلاما مثله، وما دريت ما أردّ عليه (١).

واجتمع نفر من قريش-وقد حضر الموسم-فقال الوليد بن المغيرة-وكان ذا سنّ فيهم-: يا معشر قريش إنه حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب تقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا، ولا تختلفوا فيكذّب بعضكم بعضا، ويردّ قولكم بعضه بعضا. قالوا: فافعل يا أبا عبد شمس فقم وأقم لنا رأيا نقل به. فقال: بل أنتم قولوا أسمع. قالوا:

نقول إنه كاهن. قال: لا والله ما هو بكاهن؛ لقد رأيت الكهّان فما هو بزمزمة (٢) /الكهّان ولا سجعهم. قالوا: فنقول إنه مجنون.

فقال: ما هو بمجنون؛ ولقد رأينا الجنون وعرفناه؛ فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. قالوا: فنقول إنه شاعر. قال: ما هو بشاعر؛ لقد عرفنا الشعر كلّه رجزه وهزجه وقريضه، ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر. قالوا: فنقول ساحر. قال: ما هو بساحر؛ لقد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثه ولا عقده.

قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، وإن


(١) دلائل النبوة ١:٤٥٢، والسيرة النبوية لابن كثير ١:٥٠٥ وفيه «وهذا حديث غريب جدا من هذا الوجه».
(٢) الزمزمة: صوت ضعيف كنحو ما كانت الفرس تفعله عند شربها الماء، ويقال أيضا زمزم الرعد: وهو صوت له قبل الهدر. وكذلك الكهان كانت لهم زمزمة الله أعلم بكيفيتها. وأما زمزمة الفرس فكانت من الأنف. (الروض الأنف ٢:٢١)