للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصله لعذق، وإن فرعه لجناة (١)، وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلاّ عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه أن تقولوا هو ساحر، جاء بقول يفرّق به بين المرء وبين ابنه، وبين المرء وبين أخيه، وبين المرء وبين زوجته، وبين المرء وعشيرته. فتفّرقوا عنه بذلك؛ فجعلوا يجلسون للناس حين قدموا الموسم، لا يمرّ بهم أحد إلا حذّروه إيّاه، وذكروا لهم من أمره، فأنزل الله ﷿ فى الوليد بن المغيرة ﴿ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً﴾ إلى قوله ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ (٢) وأنزل الله ﷿ فى النفر الذين كانوا معه ويصنّفون (٣) القول فى رسول الله فيما جاء به ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ أى أصنافا ﴿فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (٤) فجعل أولئك النّفر يقولون ذلك فى رسول الله فيمن لقوه من الناس، وصدرت العرب فى ذلك الموسم بأمر رسول الله ، فانتشر ذكره فى بلاد العرب كلها (٥).

قال الطّفيل بن عمرو الدّوسىّ-وكان رجلا شريفا شاعرا لبيبا-: قدمت مكة-ورسول الله بها-فمشى إلىّ رجال من قريش فقالوا لى: يا طفيل إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل الذى


(١) وإن فرعة لجناة: أى فيه تمريجنى. (سبل الهدى والرشاد ٢:٤٧٥)
(٢) سورة المدثر الأيات ١١ - ٢٦.
(٣) كذا فى م، وسيرة النبى لابن هشام ١:١٧٥. وفى ت، هـ، ودلائل النبوة ١:٤٤٨ «يصفون».
(٤) سورة الحجرات الآيات ٩١ - ٩٣.
(٥) وانظر شرح المواهب ٥:٨٧،٨٨.