للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومشى رجال من أشراف قريش، منهم: عتبة وشيبة وأبو جهل إلى أبى طالب فقالوا: يا أبا طالب، إنّ ابن أخيك قد سبّ آلهتنا، وعاب ديننا، وسفّه أحلامنا، وضلّل آباءنا، وآذانا فى نادينا ومسجدنا؛ فإمّا أن تكفّه عنا وإما أن تخلى بيننا وبينه/-فإنك على ما نحن عليه من خلافه-فنكفيكه. فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا، وردّهم ردّا جميلا. فانصرفوا عنه.

ومضى رسول الله على ما هو عليه يظهر دين الله، ويدعو إليه.

ثم شرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتطاعنوا (١)، وأكثرت قريش ذكر رسول الله بينها، وحضّ بعضهم بعضا [عليه] (٢) حتى تمشّوا إلى أبى طالب مرّة أخرى، فقالوا: يا أبا طالب، إن لك سنّا وشرفا ومنزلة فينا، وإنّا قد استنهيناك من ابن أخيك، فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا. من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا حتى تكفّه عنا، أو ننازله وإياك فى هذا حتى يهلك أحد الفريقين. ثم انصرفوا عنه.

فعظم على أبى طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله لهم ولا خذلانه، إلاّ أنه قال له: يا ابن أخى، إنّ قومك قد جاءونى فقالوا لى كذا وكذا؛ فأبق علىّ وعلى


(١) كذا فى الأصول. وفى سيرة النبى لابن هشام ١:١٧١، والسيرة النبوية لابن كثير ١:٤٧٤، وسبل الهدى والرشاد ٢:٤٣٦ «تضاغنوا».
(٢) الإضافة عن المراجع السابقة.