نفسك، ولا تحملنى من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك.
فظنّ رسول الله ﷺ أن قد بدا لعمه فيه، وأنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن القيام معه، فقال رسول الله ﷺ:
والله يا عمّاه لو وضعوا الشمس فى يمينى، والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته. ثم بكى رسول الله ﷺ، فلما ولّى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا ابن أخى. فأقبل، فقال: اذهب فقل ما أحببت؛ فو الله لا أسلمك لشئ أبدا. ثم قال أبو طالب:-
والله لن يصلوا إليك بجمعهم … حتى أوسّد فى التراب دفينا
فانفذ لأمرك ما عليك غضاضة … فكفى به دنيا لديك ودينا
ودعوتنى وزعمت أنك ناصح … فلقد صدقت وكنت ثمّ أمينا
وعرضت دينا قد علمت بأنه … من خير أديان البريّة دينا
ويقال: لما أن جاءت قريش إلى أبى طالب وتكلّموا معه أرسل ابنه عقيلا إلى النبى ﷺ فقال له: انطلق فأتنى بمحمد. فانطلق عقيل فأخرجه من بيت صغير فجاء به فى الظهيرة فى شدّة الحرّ، فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بنى عمك هؤلاء قد زعموا أنك
(١) وانظر السيرة النبوية لابن كثير ١:٤٦٤، وسبل الهدى والرشاد ٢: ٤٣٧، وشرح المواهب ١:٢٤٨،٢٤٩، والديوان ١٧٦،١٧٧ مع اختلاف فى بعض الألفاظ.