ولما كثرت أنواع الأذى من المشركين لرسول الله ﷺ استتر فى دار الأرقم بن أبى الأرقم المخزومى، وهى التى تعرف الآن بدار الخيزران-بالصفا-وهى أم الخليفة الهادى والرشيد.
وقال أبو طالب يحضّ النجاشىّ على حسن جوار من هاجر إليه من المسلمين إلى الحبشة، والدفع عنهم:-
تعلم زعيم الناس أن محمدا … رسول كموسى والمسيح ابن مريم/
أتى بالهدى مثل الذى أتيا به … فكلّ بأمر الله هاد ومعصم (١)
وإنكم تتلونه فى كتابكم … بصدق حديث لا حديث مرجّم
وإنك ما يأتيك منا عصابة … بفضلك إلا أرفدوا بالتكرم
ولما رأت قريش استقرار المسلمين بالحبشة، وأنهم قد أصابوا دارا وأمنا ائتمروا على أن يبعثوا إلى النجاشىّ رجلين جلدين فى أمر المسلمين ليخرجوهم من بلاده ويردّوهم عليهم، وأن يهدوا إليه هدايا مما يستطرف من متاع مكة-ومن أعجب ما يأتيهم منها الأدم- فجمعوا له أدما كثيرة، ومما أعدوا له فرسا وجبّة ديباج، ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية على حدة. ثم بعثوا بذلك عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبى ربيعة المخزومى-ويقال عوض عبد الله بن أبى ربيعة. عمارة بن الوليد بن المغيرة-وأمروهما أمرهم، وقالوا لهما:
ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلّما النجاشىّ فيهم، ثم قدّما إلى النجاشى هداياه، ثم سلاه أن يسلمهم إليكما، وإن استطعتما أن يردهم عليكما قبل أن يكلّمهم فافعلا. وأمروهما أن يسرعا السير