للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجر فجلسوا فيه، فقالت قريش: أخرجهم الجوع. فجاءوا إليهم فقال أبو طالب: إنّا قد جئنا لأمر، فأجيبوا فيه. فقالوا: مرحبا بكم وأهلا. قال: إن ابن أخى قد أخبرنى-ولم يكذبنى قط-أن الله قد سلّط على صحيفتكم الأرضة فلحست (١) كل ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم، وبقى فيها كلّ ما ذكر الله به، فإن كان ابن أخى صادقا نزعتم عن سوء رأيكم،-ووالله لا نسلمه حتى نموت عن آخرنا-وإن كان كاذبا دفعته إليكم فقتلتموه (٢)، أو استحييتموه إن شئتم. فقالوا: وأبيك لقد أنصفتنا وقد رضينا. فأرسلوا إلى الصحيفة. فلما فتحوها إذا هى كما قال رسول الله ، فكبّر المسلمون، وانبعث وجوه المشركين، وسقط فى أيديهم، ثم نكسوا على رءوسهم، وقالوا: والله إن كان هذا إلا سحر من صاحبكم. فقال أبو طالب: قد تبيّن لكم أنكم أولى بالظلم والقطيعة، وأولى بالكذب والسّحر. فلم يراجعه أحد منهم وانصرفوا، ورجع أبو طالب وقومه إلى الشّعب.

ويقال: إنه تلاوم رجال من بنى عبد مناف، ومن بنى قصى، ورجال سواهم من قريش قد ولدتهم نساء من بنى هاشم، ورأوا أنهم قد قطعوا الرحم، واستخفّوا بالحق؛ واجتمع أمرهم من ليلتهم على نقض ما تعاهدوا عليه من الغدر، والبراءة منه. وبعث الله تبارك


(١) فى الأصول «فنسخت». والمثبت عن طبقات ابن سعد ١:٢١، والوفا بأحوال المصطفى ١:١٩٨.
(٢) فى الأصول «فتقتلوه». والمثبت عن المرجعين السابقين.