للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعالى على صحيفتهم التى المكر فيها برسول الله الأرضة فلحست كل ما كان فيها من عهد وميثاق-ويقال: كانت معلقة فى سقف البيت-فلم تترك اسما لله إلا لحسته، وبقى ما كان فيها من شرك أو ظلم أو قطيعة رحم. وأطلع الله رسوله على الذى صنع بصحيفتهم، فذكر ذلك رسول الله لأبى طالب، فقال أبو طالب: لا والثواقب ما كذبنى، فانطلق يمشى بعصابته من بنى عبد المطلب حتى أتى المسجد-وهو حافل من قريش-فلما رأوهم (١) عامدين لجماعتهم أنكروا ذلك عليهم، وظنوا أنهم خرجوا من شدّة البلاء، فأتوهم ليعطوهم رسول الله .

فتكلم أبو طالب فى ذلك فقال: قد حدثت أمور بينكم لم نذكرها، فأتوا بصحيفتكم التى عاهدتم عليها، فلعلّه أن يكون بيننا وبينكم صلح-وإنما قال ذلك خشية أن ينظروا فى الصحيفة قبل أن يأتوا بها-فأتوا بصحيفتهم-معجبين بها، لا يشكون أن الرسول مدفوع إليهم-فوضعوها بينهم وقالوا: قد آن لكم أن تقبلوا وترجعوا إلى أمر يجمع قومكم؛ فإنما قطع بيننا وبينكم رجل واحد؛ جعلتموه خطرا لهلكة قومكم وعشيرتكم وفسادهم.

فقال أبو طالب: إنما جئتكم لأعطيكم أمرا لكم فيه نصف: إن ابن أخى قد أخبرنى-ولم يكذبنى قط-أن الله ﷿ برئ من هذه الصحيفة التى فى أيديكم، ومحا كلّ اسم هو له فيها، وترك فيها غدركم وقطيعتكم إيّانا، وتظاهركم علينا بالظلم؛ فإن


(١) فى الأصول «رآهم». والتصويب عن السيرة النبوية لابن كثير ٢:٤٥.