للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان الحديث الذى قال ابن أخى كما قال فأفيقوا، فو الله لا نسلمه أبدا حتى نموت من عند آخرنا، وإن كان الذى قال باطلا دفعناه إليكم فقتلتم أو استحييتم. قالوا: قد رضينا بالذى تقول.

ففتحوا الصحيفة، فوجدوا الصادق المصدوق قد أخبر خبرها، فلما رأتها قريش كالذى قال أبو طالب قالوا: والله إن كان هذا قط إلا سحرا من صاحبكم. فارتكسوا وعادوا لشرّ (١) ما كانوا عليه من كفرهم، والشدة على رسول الله والمسلمين، وعلى رهطه، والقيام بما تعاهدوا عليه. فقال أولئك النّفر من بنى عبد المطلب: إنّ أولى بالكذب والسحر غيرنا، فكيف ترون، وإنّا نعلم أن الذى اجتمعتم عليه من قطيعتنا أقرب إلى الجبت والسحر من أمرنا؟! ولولا أنكم اجتمعتم على السحر لم تفسد صحيفتكم وهى فى أيديكم؛ طمس الله ما كان له فيها من اسم، وما كان فيها من بغى تركه، أفنحن السحرة أم أنتم؟!

فقال-عند ذلك-النفر من بنى عبد مناف وبنى قصى ورجال من قريش ولدتهم نساء بنى هاشم، منهم أبو البخترىّ، والمطعم بن عدىّ، وزهير بن أبى أميّة بن المغيرة، وزمعة بن الأسود، وهشام بن عمرو-وكانت الصحيفة عنده، وهو من بنى عامر بن لؤى-فى رجال من أشرافهم ووجوههم: نحن براء مما فى هذه الصحيفة. فقال أبو جهل: هذا أمر قد قضى بليل (٢).


(١) كذا فى الأصول. وفى السيرة النبوية لابن كثير ٢:٤٦ «بشر».
(٢) انظر مع المرجع السابق سبل الهدى والرشاد ٢:٥٠٥،٥٠٦.