للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أن اجتمعت قريش على باب رسول الله قال أبو جهل: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا ذلك كان له منكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها (١).

فخرج رسول الله -وهم جلوس على الباب-فأخذ حفنة من بطحاء-أو تراب-فى يده ثم قال: نعم أنا أقول ذلك، وأنت أحدهم. وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من «يس» ﴿يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ إلى قوله ﴿وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ (٢) حتى فرغ من هؤلاء الآيات، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا، ومضى النبى إلى حيث أراد أن يذهب (٣).

فأتى قريشا آت ممّن لم يكن معهم فقال: ما تنتظرون ها هنا؟ قالوا: محمدا. فقال: خبتم وخسرتم؛ قد والله خرج عليكم ما ترك أحدا منكم إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته، أفما


(١) سيرة النبى لابن هشام ٢:٣٣٣، والاكتفا ١:٤٤٠، وعيون الأثر ١: ١٧٩، والسيرة النبوية لابن كثير ٢:٢٣٠، وسبل الهدى والرشاد ٣:٣٢٧.
(٢) سورة يس الآيات ١ - ٩.
(٣) الاكتفا ١:٤٤٠،٤٤١، وعيون الأثر ١:١٧٩، والسيرة النبوية لابن كثير ١:٢٣٠.