للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى نحو بئر ميمون (١) فأدركه: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار (٢).

وكان أبو بكر أمر ابنه عبد الله أن يتسمّع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون فى ذلك اليوم من الخبر، وأمر عامر من فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما إذا أمسى فى الغار.

ولما توجه النبى قبل الغار جعل أبو بكر يمشى مرّة أمام النبى ومرة خلفه، ومرة عن يمينه، ومرة عن يساره، ففطن له رسول الله فقال: ما هذا يا أبا بكر. ما أعرف هذا من فعلك؟ قال: يا رسول الله، أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرّة عن يمينك ومرة عن يسارك، لا آمن عليك. فقال: يا أبا بكر لو كان شئ أحببت أن يكون بك دونى؟ قال: نعم، والذى بعثك بالحق ما كانت لتكن من ملمّة إلا أحببت أن تكون بى دونك (٣).

وانتهيا إلى الغار ليلا. ولم يصعد النبى الغار حتى تقطّرت قدماه دما؛ لأنه لم يتعود الحفية ولا الرعية ولا الشقوة، وعادت قدما أبى بكر كأنهما صفوان (٤).


(١) بئر ميمون: تنسب إلى ميمون بن خالد بن عامر الحضرمى أخى العلاء بن الحضرمى، حفرها بأعلى مكة فى الجاهلية. (معجم البلدان لياقوت) وهى الآن من آبار عين زبيدة. هامش أخبار مكة للأزرقى ٢:٢٢٢.
(٢) السيرة الحلبية ٢:٢٠٥.
(٣) دلائل النبوة ٢:٢٠٩، والسيرة الحلبية ٢:٢٠٣، وتاريخ الخميس ١:٣٢٦.
(٤) الإمتاع ١:٤٠. والصفوان: الحجر الأملس. (المعجم الوسيط).