ويروى: أن رسول الله ﷺ مشى ليلته على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه، فلما رآهما أبو بكر أنهما قد حفيتا حمله على كاهله، وجعل يشتد به حتى أتى به فم الغار فأنزله، ثم قال: والذى بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله؛ فإن كان به شئ نزل بى قبلك. فدخل فلم ير شيئا، فحمله فأدخله، وكان فى الغار خرق فيه حيّات وأفاع، فخشى أبو بكر أن يخرج منهن شئ يؤذى رسول الله ﷺ، فألقمه قدمه، فجعلن يضربنه ويلسعنه: الحيات والأفاعى، وجعلت دموعه تتحادر، ورسول الله ﷺ يقول: يا أبا بكر لا تحزن إنّ الله معنا. فأنزل الله سكينته طمأنينة بأبى بكر (١).
ويروى: لما انتهى النبىّ ﷺ للغار قال أبو بكر: يا رسول الله-والله-لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه ثعبان أو حيّة أو شئ أصابنى دونك. قال: ادخل. فدخله فمسحه، وجعل يلتمس بيده، فكلما رأى جحرا شقّ ثوبه ثم ألقمه الجحر، حتى فعل ذلك بثوبه أجمع، فبقى جحر فوضع عقبه عليه. ويقال:
بقى منها اثنان فألقمهما رجليه-ثم قال لرسول الله ﷺ/:
ادخل. فدخل رسول الله ﷺ، ووضع رأسه فى حجره ونام، فلدغ أبو بكر فى رجله من الجحر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله ﷺ، فسقطت دموعه على وجه رسول الله ﷺ فانتبه،
(١) كذا فى م. وفى ت «فأنزل الله طمأنينتة بأبى بكر». وفى الوفا بأحوال المصطفى ١:٢٣٨ «فأنزل الله سكينته أى طمأنينته بأبى بكر» - وانظر دلائل النبوة ٢:٢١٠ والرياض النضرة ١:٩١.