للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأعلى مكة وأسفلها، وشقّ عليهم خروجه، وخرجوا لذلك، فجعلوا يطلبونه بأنفسهم فيما قرب منهم، وأرسلوا من يطلبه فيما بعد عنهم، وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم به ويجعلون لهم الجعل العظيم، ونادوا بأعلى مكة وأسفلها: من قتل محمدا وأبا بكر. أو ردّهما أو أحدهما فله مائة من الإبل-ويقال: جعلوا لمن جاء بأحدهما أو قتله ديته- وبعثوا القافة يتبعون أثره فى كل وجه، فوجد الذى ذهب قبل ثور- وهو كرز بن علقمة بن هلال الخزاعى-أثره هناك، فلم يزل يتبعه حتى انتهى إلى الغار، فرأى العنكبوت ناسجة على باب الغار، والحمام مفرخة فيه، فأيقن أن لا أحد فيه، فقال: انقطع الأثر؛ فإما صعد بصاحبكم إلى السماء أو غيض به فى الأرض. فانصرفوا، وقال بعضهم: ادخلوا الغار. فقال أميّة بن خلف: وما أربكم إلى الغار وعليه من نسج العنكبوت ما عليه؟ والله إنى لأرى هذا النسيج أقدم من ميلاد محمد. فنهى النبى يومئذ عن قتل العنكبوت وقال: إنها جند من جنود الله. وأشفق أبو بكر واشتد خوفه عند ذلك (١).

ولما أن صعدت قريش فوق الجبل، وسمع رسول الله وأبو بكر أصواتهم فأشفق أبو بكر، وأقبل عليه الهمّ والحزن والخوف، فقال له رسول الله : لا تحزن إنّ الله معنا. ودعا رسول الله فنزلت عليه-أى على أبى بكر-سكينة من الله؛ لأن النبى لم تزل السكينة معه (٢).


(١) الاكتفا ١:٤٤٤.
(٢) دلائل النبوية ٢:٢١٤، وشرح المواهب ١:٣٣٦.