ويروى: أن فتيانا من قريش-من كل بطن رجل-أقبلوا بعصيّهم وهراويهم وسيوفهم حتى إذا كانوا من الغار مقدار أربعين ذراعا تعجّل رجل منهم لينظر فى الغار، فرأى الحمامتين بفم الغار، فرجع إلى أصحابه، فقالوا له: ما لك لم تنظر فى الغار؟ فقال:
رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعلمت أنه ليس فيه أحد. فسمع النبى ﷺ ما قال، فعلم أن الله قد درأ عنه بهما. فدعا لهما النبى ﷺ وشمت عليهما وفرض جزاءهما، وانحدرن فى الحرم ففرخن، فأصل كل حمامة فى الحرم من فراخهما (١).
وبال أميّة بن خلف عند باب الغار، حتى جرى بوله بين يدى النبى ﷺ وأبى بكر، فأشفق أبو بكر أن يكونوا قد رأوه.
فقال له النبى ﷺ: لا تحزن؛ فإنهم لو رأونا لم يستقبلونا بفروجهم عند البول، ولا تشاغلوا بشئ عن أخذنا. فقال الصديق للنبى ﷺ: لو ولجوا علينا من فم الغار ما كنا نصنع؟ فقال النبى ﷺ:
لو ولجوا علينا منه كنا نخرج من ها هنا. وأشار بيده المباركة إلى الجانب الآخر-ولم يكن فيه شق-وانفتح للحين فيه باب واسع بقدرة الله تعالى، وهو فى صخرة جلمد صماء، مما لا يؤثر فيها المعاول: فأما لها الله إلى اليوم ظاهرة لا يشكّ من رآها أنها لو ردّت لسدّت المكان، ولا يختلف أحد أن ذلك الباب لو كان هنا لك حينئذ لرأته قريش جهارا، وبكى أبو بكر وقال: يا رسول الله لو أنّ