للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو ينقصون، معهم سبعون بعيرا وفرسان، ولكن أمهلونى حتى أنظر إلى القوم هل لهم كمين؟ فضرب فى الوادى حتى أبعد فلم ير شيئا، فرجع فقال: ما رأيت شيئا، ولكنى رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا؛ نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليست لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، ألا ترونهم خرسا لا يتكلّمون، يتلمظون تلمظ الأفاعى؟ والله ما أرى أن يقتل منهم رجل حتى يقتل منكم رجلا، فإذا أصابوا منكم مثل عددهم فما خير فى العيش بعد ذلك، فروا رأيكم (١).

فبعثوا أيضا أبا سلمة الجشمىّ، فأطاف بالمسلمين على فرسه، ثم رجع فقال: والله ما رأيت جلدا، ولا عددا (٢)، ولا حلقة ولا كراعا، ولكنى رأيت قوما لا يريدون أن يئوبوا إلى أهليهم، قوما مستميتين ليست لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، زرق العيون كأنها الحصى تحت الحجف (٣)، فروا رأيكم.

فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى فى الناس ليرجعوا، وجاء إلى عتبة بن ربيعة فقال: يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيّدها؛ هل لك أن تذهب بشرف هذا اليوم ما بقيت؟ -أو هل


(١) الاكتفا ٢:٢٥، والإمتاع ١:٨٢،٨٣، والسيرة الحلبية ٢:٣٩٥، ٣٩٦.
(٢) كذا فى الأصول. وفى الإمتاع ١:٨٣ «عدادا».
(٣) الحجف: جمع حجفة وهى الدرقة أو الترس من جلد. (الإمتاع ١: ٨٣، وسبل الهدى ٤:٢١٨)