للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لك إلى أن تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر؟ -قال: وما ذاك يا حكيم، أفعل ماذا؟ فقلت: إنكم لا تطلبون من محمد إلا دم ابن الحضرمى، وهو حليفك فتحمّل بديته، وترجع بالناس. فقال له:

أنت وذاك؛ فأنا أتحمّل بدية حليفى فاذهب إلى ابن الحنظلية (١) - يعنى أبا جهل-فقل له: هل لك إلى أن ترجع اليوم بمن معك عن ابن عمك؟ فجئت فإذا هو فى جماعة من بين يديه ومن ورائه، وإذا عامر بن الحضرمى واقف على رأسه وهو يقول: نسخت (٢) عقدى من عبد شمس، وعقدى إلى بنى مخزوم. ووجدته قد نثل (٣) درعا له من جرابها وهو يهنئها (٤)، فقلت له: إن عتبة أرسلنى إليك، وهو يقول لك: هل لك أن ترجع بالناس عن ابن عمك؟ قال: أما وجد رسولا غيرك، انتفخ والله سحره (٥) حين رأى محمدا، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وما بعتبة ما قال، ولكنه قد رأى أن محمدا وأصحابه أكلة الجزور، وفيهم ابنه وقد تخوفكم عليه-يعنى أبا حذيفة بن عتبة، وكان قد أسلم-قال حكيم:

فخرجت أبادر إلى عتبة، وعتبة متكئ على أيماء بن رحضة-وقد


(١) والحنظلية أم أبى جهل، وهى أسماء بنت مخربة أحد بنى نهشل بن دارم بن مالك بن تميم (سيرة النبى لابن هشام ٢:٤٥٤).
(٢) كذا فى الأصول. وفى تاريخ الخميس ١:٣٧٧ «قد فسخت عقدى».
(٣) أى استخرجها من جرابها، ويقال للدرع الواسعة النثيلة. (سبل الهدى والرشاد ٤:٢١٨)
(٤) يهنئها: أى يطليها ويتفقدها. (المرجع السابق)
(٥) انتفح سحره: كلمة تقال للجبان. (تاريخ الخميس ١:٣٧٨) والسحر: الرئة وما حولها مما يعلق بالحلقوم من فوق السرة. (سيرة النبى لابن هشام ٢:٤٥٥)