للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و [أسر] (١) سهيل بن عمرو أيضا، ففرّ بالرّوحاء من مالك ابن الدّخشم، فقال النبى : من وجده فليقتله. فوجده النبىّ بين سمرات-وقد خرج مع الناس فى طلبه-فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله [دعنى] (٢) أنزع ثنيّتيه يدلع (٣) لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا. فقال النبى : لا أمثّل به فيمثّل الله بى وإن كنت نبيا، ولعلّه يقوم مقاما لا تكرهه. ثم أسلم، وقام حين جاءته وفاة النبى بخطبة أبى بكر (٤) -بمكّة-كأنه كان سمعها، فقال عمر حين بلغه كلام سهيل: أشهد أنك رسول الله. يريد قول النبىّ «لعلّه يقوم مقاما لا تكرهه».

وبعثت زينب بنت رسول الله -فى فداء زوجها أبى


(١) سقط فى الأصول والإثبات عن الإمتاع ١:٩٥.
(٢) إضافة عن سيرة النبى لابن هشام ٢:٤٧٦، والسيرة الحلبية ٢:٤٥٥.
(٣) يدلع لسانه: أى يخرج لسانه. (السيرة الحلبية ٢:٤٥٥)
(٤) وفى السيرة الحلبية ٢:٤٥٥،٤٥٦ «فإنه لما مات رسول الله أراد أكثر أهل مكة الرجوع عن الإسلام حتى خافهم أمير مكة عتاب بن أسيد وتوارى، فقام سهيل بن عمرو خطيبا فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم ذكر وفاة رسول الله وقال: أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت، ألم تعلموا أن الله تعالى قال ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ وقال ﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ الآيات، وتلا آيات أخر، ثم قال: والله إنى أعلم أن هذا سيمتد امتداد الشمس فى طلوعها وغروبها فلا يغرنكم هذا من أنفسكم-يعنى أبا سفيان- فإنه لا يعلم من هذا الأمر ما أعلم، لكنه قد ختم على صدره حسد بنى هاشم، وتوكلوا على ربكم فإن دين الله قائم وكلمته تامه، وإن الله ناصر من نصره ومقو دينه، وقد جمعكم الله على خيركم-يعنى أبا بكر -وقال: إن ذلك لم يزد الإسلام إلا قوة، فمن رأيناه ارتد ضربنا عنقه … ».