للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العاص بن الرّبيع - بقلادة لها كانت لخديجة من جزع ظفار (١) مع أخيه عمرو بن الرّبيع، فرقّ لها رسول الله وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردّوا عليها متاعها فعلتم. قالوا: نعم. فأطلقوا أبا العاصى وردّوا القلادة إلى زينب، وأخذ النبى على أبى العاصى أن يخلى سبيل زينب، فوعده على ذلك. وكان الذى أسره عبد الله بن جبير بن النعمان أخو خوّات بن جبير (٢).

ولما قدم أبو العاصى مكّة أمر زينب ابنة النبى باللحوق بأبيها، فتجهّزت وقدّم إليها حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها بعيرا فركبته، وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج بها/نهارا يقودها - وهى فى الهودج - فتحدّث بذلك رجال من قريش، فخرجوا فى طلبها، فأدركوها بذى طوى. وكان أوّل من سبق إليها هبّار بن الأسود، فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى طرحها وألقت ما فى بطنها، وأهريقت دما - وكانت حاملا - ولم يزل بها مرضها ذلك حتى ماتت بالمدينة، ونزل (٣) حموها ينثر كنانته وقال: والله لا يدنو منى رجل إلا وضعت فيه سهما. فرجع الناس عنه، فجاء أبو سفيان فقال: ويحك قد عرفت مصيبتنا، ثم خرجت بالمرأة علانية؛ فيظنّ الناس أن ذلك عن ذلّ منا، ولعمرى ما لنا حاجة فى حبسها عن أبيها، ولكن ردّها، فإذا هدأ الصوت، وتحدّث الناس أنّا قد رددناها فسر بها سرّا فألحقها بأبيها. ففعل.


(١) جزع ظفار: خرز منسوب إلى ظفار، فيه سواد وبياض كأنه عين. (هامش الأمتاع ١٠٠:١)
(٢) الإمتاع ١٠٠:١، ١٠١.
(٣) كذا فى الأصول. وفى سيرة النبى لابن هشام ٤٨٠:٢، والسيرة الحلبية ٢: ٤٥٤ «برك».