للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أصبتما منه غرّة فاقتلاه. قال عمرو: فخرجت أنا وصاحبى حتى أتينا بطن يأجج فقيدنا بعيرينا، فقال لى صاحبى: يا عمرو، هل لك فى أن نأتى مكة فنطوف بالبيت أسبوعا ونصلى ركعتين؟ فقلت:

إنى أعرف بمكة من (١) الفرس الأبلق، وإنهم أن رأونا عرفونا، وأنا أعرف أهل مكة أنهم إذا أمنوا اضطجعوا بأفنيتهم، فأبى أن يطيعنى فأتينا مكة فطفنا أسبوعا وصلينا ركعتين، فلما خرجت لقينى معاوية ابن أبى سفيان فعرفنى وقال: عمرو بن أمية!! فأخبر أباه، فنذر بنا أهل مكة وتجمعوا. وهرب عمرو وسلمة، وخرجوا فى طلبهما، واشتدا فى الجبل؛ قال عمرو: فدخلنا غارا فتغيبنا عنهم حتى أصبحنا، وباتوا يطلبوننا فى الجبل، وعمّى الله عليهم أن يهتدوا طريق المدينة، فلما كان الغد ضحوة أقبل عبيد الله بن مالك بن عبيد التيمى (٢) يختلى لفرسه حشيشا، فقلت لسلمة بن أسلم: إن أبصرنا أشعر بنا أهل مكة-وقد قصروا عنا-فلم يزل يدنو من باب الغار حتى أشرف علينا، فخرجت فطعنته تحت الثدى بخنجرى فسقط، فصاح فأسمع أهل مكة، فأقبلوا بعد تفرقهم، ودخلت الغار وقلت لصاحبى: لا تتحرك، وأقبلوا حتى أتوا عبيد الله بن مالك فقالوا: من قتلك؟ قال: عمرو بن أمية. قال أبو سفيان: قد علمنا أنه لم يأت بعمرو خير-ولم يستطع أن يخبرهم بمكاننا لأنه كان فى آخر رمق،


(١) فى «ت» «غرة الفرس».
(٢) فى ت «التميمى» والمثبت عن م، وطبقات ابن سعد ٢:٩٤، وعيون الأثر ٢:١١٢، والسيرة النبوية لابن كثير ٣:١٣٧، وشرح المواهب ٢:١٧٨.