للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمات. وشغلوا عنا وعن طلبنا بصاحبهم، فحملوه، فمكثنا ليلتين فى مكاننا ثم خرجنا، فقال صاحبى: يا عمرو بن أمية هل لك فى خبيب بن عدىّ ننزله؟ فقلت: أين هو؟ قال: هو ذاك مصلوب حوله الحرس، فقلت: أمهلنى وتنحّ عنى، فإن خشيت شيئا فانجح إلى بعيرك فاقعد عليه وأت رسول الله فأخبره الخبر، ودعنى فإنى عالم بالمدينة، ثم اشتددت عليه وحللته فحملته على ظهرى، فما مشيت به إلا عشرين ذراعا حتى استيقظوا فخرجوا فى طلب أثرى فطرحت الخشبة فما أنسى وقعها-دب: يعنى صوتها-ثم أهلت عليه التراب برجلى، فأخذت بهم طريق الصفراء (١)، فأعيوا فرجعوا-وكنت لا أدرى مع بقاء نفسى-فانطلق صاحبى إلى البعير فركب وأتى النبى فأخبره، وأقبلت حتى أشرفت على الغميم غميم ضجنان (٢)، فدخلت فى غار فيه معى قوسى وأسهم وخنجر، فبينا أنا فيه إذ أقبل رجل من بنى بكر من بنى الديل أعور طويل، يسوق غنما ومعزا، فدخل علىّ الغار فقال: من الرجل؟ فقلت: من بنى بكر. فقال: وأنا من بنى بكر. ثم اتّكأ فرفع عقيرته يتغنى يقول:-


(١) الصفراء-تأنيث الأصفر: قرية كثيرة النخل والعيون والزروع فوق ينبع يجرى فضلها إلى ينبع. وانظر معجم البلدان لياقوت.
(٢) ضجنان-بالتحريك ونونان، جبل بتهامة، وقيل على بريد من مكة، وقيل بين مكة وضجنان خمسة وعشرون ميلا. (مراصد الاطلاع) ويقال حرّة مستطيلة من الشرق إلى الغرب، يمر بها الطريق من مكة إلى المدينة بنعفها الغربى الذى يعرف اليوم بخشم المحسنية. (معالم مكة للبلادى)