للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لرؤيا رسول الله ، فلما رأوا ما رأوه من الصلح والرجوع، وما تحمل رسول الله على نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم، حتى كادوا أن يهلكوا. فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ثم قال: يا محمد قد لجّت (١) القضيّة بينى وبينك قبل أن يأتيك هذا. قال: صدقت (٢). فقام إليه فأخذ بتلبيبه، قال وصرخ أبو جندل بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أتردونى إلى أهل الشرك فيفتنونى فى دينى؟! فزاد الناس شرّا إلى ما بهم، فقال رسول الله : يا أبا جندل اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عليه عقدا، وإنا لن نغدر بهم.

فوثب (٣) عمر بن الخطاب مع أبى جندل فجعل يمشى إلى جنبه وهو يقول: اصبر يا أبا جندل؛ فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب-ويدنى قائم السيف منه، يقول: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضنّ الرجل بأبيه-ونفذت القضية.

فلما فرغا من الكتاب-وكان رسول الله يصلى فى الحرم وهو مضطرب [فى الحل] (٤) -فقام رسول الله فقال: يا أيها


(١) لجت القضية: أى وجبت وتمت. (السيرة الحلبية ٢:٧١٠)
(٢) فى الأصول «قاصدك» والمثبت عن سيرة النبى لابن هشام ٣:٧٨٣، وعيون الأثر ٢:١٢٠، والسيرة النبوية لابن كثير ٣:٣٢١، والسيرة الحلبية ٢:٧١٠.
(٣) فى الأصول «فوثب إليه عمر» والمثبت يستقيم به السياق.
(٤) إضافة عن سيرة النبى لابن هشام ٣:٧٨٣، والسيرة النبوية لابن كثير ٣:٣٢٢. والمعنى كانت خيامه مقامة فى الحل. (هامش ابن كثير).