وقعد بعض المشركين بقعيقعان ينظرون إلى المسلمين وهم يطوفون بالبيت، وأمر النبى ﷺ بالرّمل ليرى المشركون أن بهم قوة-وكانوا قالوا فى المهاجرين قد وهنتم حمّى يثرب-ورمل النبىّ ﷺ، ورمل أصحابه فلما بلغ الركن اليمانى، وتغيّبت قريش مشى هو وأصحابه حتى استلموا الركن الأسود، فطافوا ثلاثة أطواف فلذلك تقول قريش-وهم يمرون بهم-: يرملون كأنهم الغزلان. فكانت سنّة، ثم سعى رسول الله ﷺ وأصحابه بين الصفا والمروة-وهو على راحلته-سبعا، وقد وقف الهدى عند مروة فقال: هذا المنحر، وكل فجاج مكّة منحر. فنحر عند المروة وحلق هناك، وكذلك فعل المسلمون، وأتم الله له عمرته.
ثم أمر ﷺ ناسا أن يذهبوا إلى أصحابه ببطن يأجج فيقيموا على السلاح، ويأتى الآخرون فيقضوا نسكهم، ففعلوا ذلك.
وأقام رسول الله ﷺ بمكة ثلاث ليال، فلما كان فى اليوم الرابع عند الظهر جاء سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى فقالا: قد انقضى الأجل فاخرج عنا. فقال النبى ﷺ: إنى قد نكحت فيكم امرأة؛ فما يضركم إن مكثت حتى أدخل بها ونصنع طعاما فنأكل وتأكلون معنا؟ فقالوا: نناشدك الله والعقد إلا خرجت عنا. فأمر النبى ﷺ أبا رافع فنادى بالرحيل وقال: لا يمسينّ بها أحد من المسلمين. وخلف أبا رافع ليحمل ميمونة حين يمشى.
ويروى لما مضى الأجل أتى المشركون عليا فقالوا: قل لصاحبك أخرج عنا فقد مضى الأجل. ولما انطلق استلم الحجر وقام وسط