للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صنعوا-فسألهم: من أين؟ فقالوا: سرنا فى هذا الساحل فى بطن هذا الوادى. فعمد أبو سفيان إلى مبرك رواحلهم فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى، فقال: أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا. ثم خرج حتى قدم على رسول الله فدخل على ابنته أم حبيبة فلم تمكنه من الجلوس على فراش النبى وطوته عنه. ثم خرج فأتى النبىّ فلم يردّ عليه شيئا، فتتبّع أشراف قريش والأنصار فكلمهم، وكل يقول: عقدنا فى عقد رسول الله . فلما يئس منهم دخل على فاطمة ابنة رسول الله وكلمها فقالت: إنما أنا امرأة. فقال: مرى أحد ابنيك ليجير بين الناس. فقالت: ليس مثلهما يجير. قال: فكلّمي لى عليا. قالت:

كلّمه أنت. فكلمه فقال له: ليس أحد يفتات على رسول الله بجوار، وأنت سيّد قريش وأكبرها وأمنعها فأجر بين عشيرتك. قال:

صدقت وأنا كذلك. فخرج فصاح: ألا إنى قد أجرت بين الناس، ولا والله ما أظن أن يخفرنى أحد، ولا يرد جوارى. فقال له النبى : أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة. وخرج على ذلك. فقال النبىّ -حين أدبر-اللهم خذ على سمعهم وأبصارهم فلا يرونا (١) إلا بغتة ولا يسمعون بنا إلا فجأة.

وقدم أبو سفيان على قريش فأخبرهم بما صنع، فقالوا له: هل أجاز (٢) ذلك محمد؟ فأخبرهم بما ردّه عليه. فقالوا: ويحك، ما زاد


(١) فى الأصول «يرون» والمثبت عن السيرة النبوية لابن كثير ٣:٥٣٤، والسيرة الحلبية ٣:١٠، وشرح المواهب ٢:٢٩١.
(٢) فى الأصول «جاز» والمثبت عن سيرة النبى لابن هشام ٤:٨٥٧، وتاريخ الطبرى ٣:١١٣، والاكتفا ٢:٧٩٠، وعيون الأثر ٢:١٦٦، والسيرة الحلبية ٣:٩٠، وشفاء الغرام ٢:١١٣، وتاريخ الخميس ٢:٧٨.