للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحانت صلاة الظهر فأمر النبى بلالا أن يؤذن على ظهر الكعبة ليغيظ به المشركين، وكانوا فوق رءوس الجبال وقد فرّ وجوههم وتغيّبوا خوفا أن يقتلوا، ومنهم من يطلب الأمان ومنهم من أمّن. فلما أذّن بلال رفع صوته كأشد ما يكون، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله.

قالت جويرية بنت أبى جهل: قد لعمرى رفع لك ذكرك، أما الصلاة فسنصلى، والله ما نحبّ من قتل الأحبة أبدا، ولقد جاء إلى أبى الذى كان جاء إلى محمد من النبوّة فردّها، ولم يرد خلاف قومه. وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الذى أكرم أبى فلم يسمع بهذا اليوم-وكان أسيد مات قبل الفتح بيوم-وقال الحارث بن هشام: وا ثكلاه/، ليتنى متّ قبل أن أسمع بلالا ينهق فوق الكعبة. وقال الحكم بن أبى العاص: هذا والله الحدث الجليل؛ أن يصبح عبد بنى جمح ينهق على بنية أبى طلحة!! وقال سهيل بن عمرو: إن كان فى هذا سخط الله فسيغيّره الله. وقال أبو سفيان: أما أنا فلا أقول شيئا؛ لو قلت شيئا لأخبرته هذه الحصاة، فأتى جبريل النبىّ فأخبره خبرهم، فأقبل حتى وقف عليهم فقال: أما أنت يا فلان فقلت كذا، وأما أنت يا فلان فقلت كذا.

فقال أبو سفيان: أما أنا يا رسول الله فما قلت شيئا. فضحك رسول الله (١).

وقال النبى لخالد: لم قاتلت وقد نهيتك عن القتال؟ فقال:

هم بدأونا، ووضعوا فينا السلاح، وأسعرونا (٢) بالنبل، وقد كففت يدى ما استطعت. فقال رسول الله : قضاء الله خير.


(١) مغازى الواقدى ٢:٨٤٦، وأخبار مكة للأزرقى ١:٢٧٤،٢٧٥، والإمتاع ١:٣٩٠،٣٩١.
(٢) كذا فى الأصول. وفى الاكتفا ٢:٣٠٣ «وأشعرونا». وفى الإمتاع ١:٣٨٨ «ورشقونا».