للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أتى النبى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه فجعل يحمد الله ويذكر الله بما شاء الله ﷿ أن يذكره ويدعوه، والأنصار تحته يقول بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة فى قريته، ورأفة بعشيرته. وجاء الوحى-وكان إذا جاء الوحى لم يخف على أصحابه، وليس أحد منهم يرفع طرفه إلى رسول الله حتى يقضى- فلما قضى الوحى رفع رسول الله رأسه ثم قال: يا معشر الأنصار، قلتم أما الرجل فأدركته رغبة فى قريته ورأفة بعشيرته؟ قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله. قال : كلاّ، فما أسمّى إذا؟! كلاّ، إنى عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم. فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذى قلنا إلا الضّنّ بالله ﷿ وبرسوله. قال: فإن الله جل وعلا ورسوله يعذرانكم ويصدقانكم (١).

وفرّ يومئذ صفوان بن أمية، فاستأمن له عمير بن وهب الجمحى النبى ، فأمنه وأعطاه عمامته التى دخل بها مكة، فلحقه بها وهو يريد أن يركب البحر فردّه، فقال يا رسول الله: اجعلنى بالخيار شهرين.

قال: أنت بالخيار أربعة أشهر (٢)./

وعكرمة بن أبى جهل، فاستأمنت له زوجته أم حكيم ابنة الحارث ابن هشام-بعد أن أسلمت-من النبى فأمّنه، فلحقته باليمن فردّته. وأقر رسول الله صفوان وعكرمة مع امرأتيهما على نكاحهما الأوّل (٣).


(١) السيرة النبوية لابن كثير ٣:٥٨٣، والخصائص ٢:٧٩، وشرح المواهب ٢: ٣٣٣.
(٢) هذا اللفظ من م، وعيون الأثر ٢:١٨٠.
(٣) تاريخ الطبرى ٣:١٢٢، وعيون الأثر ٢:١٨٠، والإمتاع ١:٣٩٢.