للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنها جزع ظفار (١) -وهى مدحرجة كالبنادق مثل الحمص وأكبر من العدس-يحملها، حجر فى منقاره وحجران فى رجليه.

فلما رأوها اشفقوا منها وسقط فى أيديهم، فقال أبرهة: ما تعجبكم من طير جنّها الليل إلى مساكنها؟ فجاءت حتى صفّت على رءوسهم وصاحت، وجعلت تعج عجيجا، وألقت ما فى أرجلها ومناقيرها، فما وقع حجر على بطن إلاّ خرقه ولا عظم إلاّ أوهاه وفتّته، ولا على رأس رجل إلا خرج من دبره، ولا على شئ من جسد أحد إلا خرج من الجانب الآخر. ويقال: إن الحجارة لا تقع على أحد منهم إلا نفط (٢) جسده. وقيل: إنه ما أصاب أحدا منهم الحجر إلا أخذته الحكة؛ فكان لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط لحمه.

وقيل: إن من أصابه حجر جدر؛ وذلك أوّل ما كان الجدرى. لم ير قبلها. ويقال: إن فيل النجاشى كان إذا قدم يربض فتقتدى به الفيلة، (٣) فشجع منها فيل فحصب (٣) فرجعت الفيلة.

وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة؛ فأهلكوا جميعا. وفى ذلك يقول عبد الله بن الزّبعرى:-


(١) جزع ظفار: خرز منسوب إلى ظفار-وهى مدينة بسواحل اليمن-وفى حديث ابن عباس أنه رأى منها عند أم هانئ نحو قفيز خمر مخططة كالجزع الظفارى- (شرح المواهب ١:٨٨)
(٢) نفط جسده: أى ظهرت فيه بثور ملأى بالماء وقيل هى الجدرى. (المعجم الوسيط)
(٣) بياض فى ت. والمثبت من هـ، م.