للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودعاهم للإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فقالوا: صبأنا، فاستأسرهم ودفع إلى كل رجل من أصحابه أسيرا. ويقال إنه لما انتهى إليهم [قال: ما أنتم] (١) قالوا: مسلمون قد صلّينا وصدّقنا بمحمد وبنينا المساجد فى ساحاتنا وأذّنّا فيها. فقال لهم: فما بال السلاح عليكم؟ فقالوا: إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة؛ فخفنا أن تكونوا هم، فأخذنا السلاح. فقال لهم: ضعوا السلاح. فوضعوه، فقال لهم: أستأسروا.

فاستأسر القوم، فأمر بعضهم فكتّف (٢) بعضا وفرّقهم فى أصحابه.

فلما كان بالسحر نادى خالد: من كان معه أسير فليذافه-وهى بالذال المعجمة والفاء: الإجهاز بالسيف-فقتلت بنو سليم من كان فى أيديهم، وامتنع من ذلك المهاجرون والأنصار فأرسلوهم.

فبلغ ذلك النبىّ فبعث على بن أبى طالب بمال فودى به قتلاهم، وما ذهب لهم حتى ودى لهم ميلغة (٣) الكلب، وبقيت معه بقيّة من المال فدفعها إليهم وقال: هذا احتياط لرسول الله مما لا يعلم ولا تعلمون. ثم رجع إلى النبى فأخبره فقال: أصبت وأحسنت، ثم قام فاستقبل القبلة وشهر يديه حتى إنه ليرى ما تحت منكبيه، فقال: اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد-ثلاث مرات.


(١) إضافة عن طبقات ابن سعد ٢:١٤٧، وعيون الأثر ٢:١٨٥، وتاريخ الخميس ٢:٩٧، وشرح المواهب ٣:٢.
(٢) فى الأصول «يكتف» والمثبت عن المراجع السابقة.
(٣) الميلغة: الإناء يلغ-يشرب-فيه الكلب. (السيرة الحلبية ٣:٢١٠، والمعجم الوسيط).