للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطن عرنة (١). ووقف على راحلته يدعو، وأرسل إلى الناس أن يقفوا على مشاعرهم، ونزل عليه ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً﴾ (٢) ووقف معه مائة وأربعة عشر ألفا، وقيل أكثر: مائة وعشرون ألفا، وقيل أقل: تسعون ألفا، ويقال غير ذلك. ولم يزل النبى واقفا عند الصخرات حتى غربت الشمس من يومه، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه ثم دفع وقد ضم زمام ناقته حتى إن رأسها (٣) ليصيب طرف رحله، ومضى يسير العنق (٤) فإذا وجد فجوة نصّ (٥) وكلما أتى ربوة من تلك الروابى أرخى للناقة زمامها قليلا حتى يصعدها، وهو يشير بيده اليمنى ويقول: أيها الناس السكينة السكينة. فلما كان عند الشّعب (٦) الأيسر نزل فبال وتوضأ وضوءا خفيفا، ثم ركب حتى أتى المزدلفة فنزل بها وتوضأ، ثم صلى بها المغرب والعشاء بأذان


(١) زاد مغازى الواقدى ٣:١١٠٣،١١٠٤، والإمتاع ١:٥٢٣ «وكل مزدلفة موقف إلا بطن محسر، وكل منى منحر إلا خلف العقبة.
(٢) سورة المائدة آية ٣.
(٣) فى الأصول «زمامها» والمثبت عن شرح المواهب ٨:١٨٣، وعيون الأثر ٢: ٢٧٦، والقرى ١٣٩، والسيرة الحلبية ٣:٣٢٥.
(٤) العنق: سير بين الإبطاء والإسراع، وقيل سير سهل فى سرعة، وقيل سير سريع، وقيل المشى الذى يتحرك به عنق الدابة. (شرح المواهب ٨:١٨٣،١٨٤)
(٥) النص: السير السريع، وقيل تحريك الدابة حتى يستخرج به أقصى ما عندها وقيل النص فوق العنق؛ أى أرفع منه فى السرعة. (المرجع السابق)
(٦) وفى الإمتاع ١:٥٢٥، وشرح المواهب ٨:١٨٤ «وهو شعب أذاخر؛ الشعب الذى دون المزدلفة بين المأزمين على يسار الطريق.»