للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد وإقامتين-ويقال بأذانين-ولم يسبّح (١) بينهما شيئا، ثم اضطجع وبات بها، فلما كان السحر أذن للضعفاء من الذرية والنساء أن يأتوا منى قبل حطمة الناس، وقال: لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس، فلما برق الفجر وتبيّن الصبح صلى الصبح بالناس مغلسا- أو فى انصداع الفجر-بأذان وإقامة، ثم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام فوقف على قزح (٢)، وقال: كل مزدلفة موقف إلا بطن محسّر. واستقبل القبلة ودعا الله ﷿ وكبره وهلله ووحده، ولم يزل واقفا بها حتى أسفر جدا، ثم سار رسول الله قبل أن تطلع الشمس يريد منى، وأردف الفضل بن العباس خلفه، وانطلق أسامة على رجليه فى سباق قريش، وكان الفضل رجلا حسن الشعر أبيض وسيما، فلما سار النبى مرت ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن، فأخذ النبى يده فوضعها على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه من الشق الآخر ينظر، فوضع النبى يده من الشق الآخر على وجه الفضل فصرف وجهه من الشق الآخر حتى إذا أتى النبى محسّرا حرّك (٣) ناقته قليلا، وسلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى؛ وهى جمرة العقبة، ولم يزل يلبى حتى أتى الجمرة التى عندها الشجرة؛ فرماها من أسفلها من بطن الوادى بعد طلوع الشمس بسبع


(١) أى لم يصل بينهما شيئا من الصلوات. (عيون الأثر ٢:٢٧٦، والسيرة الحلبية ٣:٣٢٣).
(٢) قزح: قرن يقف عليه الإمام بالمزدلفة، وقيل جبل سمى بقوس قزح. (معجم بلدان ياقوت) وفى شرح المواهب ٨:١٩٠ «جبل صغير بالمزدلفة، وهو المشعر الحرام».
(٣) أى أسرع قليلا. وانظر سبب هذا الإسراع فى شرح المواهب ٨:١٩٢.