ونزل الشام وطوف ببلاده حتى وصل حلب، ثم قفل راجعا، ولم يترك فى البلاد التى زارها عالما يشار إليه بالبنان إلا والتقى به وأخذ عنه.
ثم عاد إلى القاهرة ولكنه لم يطل المقام بها ورجع إلى البلاد الشامية، وطوّف بها، وزار مدنها، والتقى بعلمائها. ثم أقام بحلب فترة طويلة أتاحت له أن يأخذ عن البرهان إبراهيم بن محمد بن خليل، الحافظ الحلبى شيئا كثيرا جدا.
ثم عاد إلى القاهرة مرة ثالثة وارتحل منها إلى الإسكندرية، وفى طريقة إليها زار مدنا كثيرة والتقى بشيوخها وسمع منهم، ولم يتيسر له دخول الإسكندرية لخلاف وقع بينه وبين رفيقه فى الرحلة برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعى.
ورجع إلى مكة المكرمة مع ركب الحاج المصرى فى موسم سنة ثمان وثلاثين. وقد استغرقت رحلته هذه قرابة ثلاث سنوات، تحمل فيها كثيرا من العلوم عن خلق كثيرين، وتزايدت فوائده، وصار كثير المسموع والمروى، والمجاز فيه.
وأصبح بيته فى مكة مقصد العلماء وطلاب المعرفة، وذاع صيته وراج علمه، وقوبل من الشيوخ ورواد العلوم بالتقدير؛ فاستمدوا من فوائده، وعوّلوا على اعتماده.
وكأن ابن فهد لم يقنع بما استفاده فى رحلته هذه لذلك نراه يشد الرحال فى جمادى الآخرة من سنة خمسين وثمانمائة إلى القاهرة