للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتطف بالبيت؛ فإنى انتظركما هاهنا. ورقد مرقده إلى أن فرغت عائشة من عمرتها، فلما أتياه أذّن فى الناس بالرحيل، وأمرهم ألا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت، ورخّص فى ترك ذلك للحائض التى كانت طافت يوم النحر (١).

ثم دخل النبى إلى مكة سحرا، فطاف طواف الوداع لم يرمل فى شئ منه، ثم وقف على راحلته بالحزورة وقال: والله إنك لخير أرض الله تعالى، وأحبّ أرض الله تعالى إلىّ، ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت (٢). ثم مضى من فوره ذلك راجعا إلى المدينة الشريفة؛ فخرج من الثنّية السّفلى، ثنية كدى (٣)، واستمر إلى أن وصل المدينة الشريفة لسبع بقين من ذى الحجة أو ثمان.

وفى هذه السنة كان الحج بحمد الله تعالى فى ذى الحجة، واستمر على ذلك، وقال : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، فلا شهر ينسأ، ولا عدة تخطأ، وإن الحج فى ذى الحجة إلى يوم القيامة (٤) -وقال الله تعالى ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ﴾ (٥) وكان أول من أنسأ


(١) عيون الأثر ٢:٢٨٠، والسيرة الحلبية ٣:٣٣٣،٣٣٤، وشرح المواهب ٨:٢١٢.
(٢) شفاء الغرام ١:٧٤.
(٣) عيون الأثر ٢:٢٨٠؛ والسيرة الحلبية ٣:٣٣٤، وشرح المواهب ٨: ٢١٢،٢١٣.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ١:١٨٦
(٥) سورة التوبة آية ٣٧.