للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم على بعض للبيع والشراء ويجتمعون فى بطن السوق، فإذا مضت العشرون انصرفوا إلى مجنّة، وهى سوق بأسفل مكة، على بريد منها، وهى سوق لكنانة، وأرضها من أرض كنانة، وهى التى يقول فيها بلال رضى الله تعالى عنه:

ألا ليت شعرى هل أبيتنّ ليلة … بفخّ وحولى إذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجنّة … وهل يبدون لى شامة وطفيل (١)

وشامة وطفيل جبلان مشرفان على مجنّة. وأقاموا على مجنّة عشر ليال، أسواقهم قائمة، فإذا رأوا هلال ذى الحجة انصرفوا إلى ذى المجاز، وهو سوق لهذيل عن يمين الموقف من عرفة قريب من كبكب، على فرسخ من عرفة، وأقاموا به ثمانى ليال أسواقهم قائمة، ثم يخرجون يوم التروية من ذى المجاز إلى عرفة فيتروّون ذلك اليوم من الماء بذى المجاز، ينادى بعضهم بعضا: تروّوا من الماء لأنه لا ماء بعرفة ولا بالمزدلفة- يومئذ-. وكان يوم التروية آخر أسواقهم. وإنما كان يحضر هذه المواسم بعكاظ ومجنّة وذى المجاز التّجّار ومن كان يريد التجارة، ومن لم يكن له تجارة ولا بيع فإنه يخرج من أهله متى أراد. ومن كان من أهل مكة ممن لا يريد التجارة خرج من مكة يوم التروية فيتروون من الماء. وكان الناس لا يتبايعون فى يوم عرفة ولا أيام منى، فلما أن جاء الله بالإسلام أحلّ الله ذلك لهم؛ فأنزل الله تعالى فى كتابه ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (٢).


(١) أخبار مكة للأزرقى ١:١٩٠.
(٢) سورة البقرة آية ١٩٨.