للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد المطلب قد دخل علىّ-وعبد المطلب عنى ناء-فرأيت قطعة من الطّير قد أقبلت من حيث لا أشعر حتى غطّت حجرتى، مناقيرها من الزّمرّد، وأجنحتها من اليواقيت؛ فكشف الله لى عن بصرى فأبصرت-ساعتى تلك-مشارق الأرض ومغاربها، ورأيت ثلاثة أعلام مضروبات؛ علما فى المشرق، وعلما فى المغرب، وعلما على ظهر الكعبة. فأخذنى المخاض، واشتد بى الأمر جدا؛ فكنت كأنى مسندة إلى أركان النساء، وكثرن علىّ حتى لا أرى معى فى البيت أحدا، وأنا لا أرى شيئا، وجعلت أنظر إلى النجوم تدنو حتى (١) إنى لأقول (١) لتقعنّ على، فوضعت محمدا مختونا مسرورا نظيفا طيّبا مدهونا مقطوع السّرة، مقبوضة أصابع يديه، مشيرا بالسبابة كالمسبّح بها، ووقع على الأرض معتمدا على يديه ساجدا رافعا رأسه إلى السماء-ويقال: إنه وقع جاثيا على ركبتيه ينظر إلى السماء- ثم قبض قبضة من الأرض وأهوى ساجدا، وخرج معه نور أضاء له البيت والدار، وقصور الشام وأسواقها؛ حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى (٢)، وأضاء ما بين المشرق والمغرب (٣).

وكان مولده صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الاثنين حين طلع الفجر، فى أول ربيع الأول. وقيل: لليلتين خلتا منه، وقيل: فى


(١) مكانهما بياض فى ت.
(٢) بصرى: مدينة بالشام من أعمال دمشق وهى قصبة كورة حوران لها شهرتها عند العرب قديما وحديثا. (معجم البلدان لياقوت)
(٣) السيرة النبوية لابن كثير ١:٢٠٦،٢٠٧، والخصائص الكبرى ١:١١٩، وشرح المواهب ١:١١١.