تريد؟ فقال: أمّا الآن فمكة، وأما بعد فإنى مستخير الله تعالى.
قال: خار الله لك، وجعلنا فداك، فإذا أتيت مكة فإياك أن تقرب الكوفة، فإنها بلدة مشئومة؛ بها قتل أبوك، وخذل أخوك، واغتيل بطعنة كادت تأتى على نفسه، إلزم الحرم فإنك سيّد العرب لا يعدل بك أهل الحجاز أحدا، ويتداعى إليك الناس من كل جانب، لا تفارق الحرم فداك عمّى وخالى،/فو الله لئن هلكت لنسترقّن بعدك.
فأقبل حتى نزل مكة، وأهلها يختلفون إليه ويأتونه، ومن بها من المعتمرين وأهل الآفاق، وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة، فهو قائم يصلى عندها عامة النهار ويطوف، ويأتى الحسين فيمن يأتيه، ولا يزال يشير عليه الرأى وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير؛ لأن أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحسين بالبلد.
وأرسل أهل الكوفة إلى الحسين فى المسير إليهم، فلما أراد المسير إلى الكوفة أتاه عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال له: إنى أتيتك لحاجة أريد أن أذكرها نصيحة لك، فإن كنت ترى أنك مستنصحى قلتها، وأديت ما علىّ من الحق فيها، وإن ظننت أنك لا تستنصحنى كففت عما أريد. فقال له: قل، فو الله ما أستغشّك وما أظنك بشئ من الهوى. قال له: بلغنى أنك تريد العراق، وإنى مشفق عليك أن تأتى بلدا فيها عماله وأمراؤه، معهم بيوت الأموال؛ وإنما الناس عبيد الدينار والدرهم، فلا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره، ومن أنت أحبّ إليه ممن يقاتلك معه.
فقال له الحسين: جزاك الله خيرا يا ابن عمّ؛ فقد علمت أنك